في بلدة ايرث إند في ولاية كارولاينا اعتاد الأهالي رؤية أشباح مرعبة لجنود من الحرب الاهلية (حيث جرت واحدة من اكثر المعارك دموية).. وكثيرا ما تترافق هذه الرؤى مع صراخ الجنود وصهيل الخيول وهدير المدافع وأنات المصابين في الموعد السنوي للمعركة... واليوم تجاوزت شهرة البلدة حدود الولاية وأصبحت مزارا سياحيا يجذب الراغبين برؤية أشباح الجنود الأموات! .. ومن المعروف أن الظاهرة الشبحية (كما سنطلق عليها من الآن) تظهر في المواقع التي شكلت مسرحا لأحداث تاريخية بارزة.. وسماع اصوات المعارك القديمة - أو رؤية اشباح المحاربين القدماء - ظاهرة قديمة رصدت في اكثر من بلد ؛ ففي بلجيكا مثلا لا يمر عام الا وتنشر الصحف شهادات (اغلبها لمزارعين من جنوب بروكسيل) يدعون سماعهم أصوات معركة واترلو التي هزم فيها نابليون عام 1815.وفي وادي الرون (حيث جرت اعظم معارك الحربين العالميتين) يشهد بعض المحليين بسماع أصوات مدافع، وانين جرحى، وضجيج دبابات في نفس الوقت من كل عام ... وأذكر أنني قرأت تحقيقا من الأردن (نقلا عن بعض الرعاة) شهدوا بسماع أصوات قتال في وادي اليرموك حيث وقعت المعركة المعروفة ضد الروم بقيادة خالد بن الوليد ؛ وهي أصوات تتنوع بين صهيل خيل، وقرقعة سيوف، وأنين جرحى، وضرب دروع تأتي في وقت معين من السنة - يفترض موافقته لتاريخ المعركة!! .. وحين أفكر بتوافق شهادات كهذه - ومن دول وثقافات مختلفة - أجد نفسي محصورا بثلاثة احتمالات فريدة : = الاحتمال الأول أن الظاهرة برمتها من أعمال الجن يوحون للبشر بما يخدع حواسهم (وأستبعد شخصيا هذا الاحتمال)!! = أما الاحتمال الثاني فهو حدوث إيحاء جماعي أو فردي للعارفين بطبيعة الموقع والحدث (بحيث يتولد لديهم إيحاء شديد برؤية وسماع ما حدث فعلا )!!! = أما الاحتمال الثالث (الذي سنتوسع به في الأسطر التالية) فهو أن الظاهرة ليست أكثر من تسجيل طبيعي للحدث في ذاكرة الزمان والمكان... فمن المعروف ان الصوت والصورة يمكن تخزينهما من خلال تغيير الوسط المادي المحيط بهما بطريقة موازية ؛ فحين اخترع "توماس اديسون" أول جهاز لتسجيل الصوت فعل ذلك بفضل إبرة معدنية طويلة كانت تهتز وتتحرك كلما تحدث بقربها. وهذه الاهتزازات تحدث بسبب الصوت وتعد بمثابة بصمة له يتم تسجيلها على اسطوانة رقيقة (يمكن عند إدارتها في الاتجاه المعاكس استعادة الصوت مجددا). ونفس المبدأ يمكن تطبيقه على تسجيل الصور واستعادتها ؛ فالصورة التلفزيونية مثلا يتم حفظها من خلال تجزئتها الى نقاط ضوئية (بواسطة الكاميرا التلفزيونية). وحين يتم استقبالها (على شاشة تلفزيونك) يعاد تجميعها مجددا كنقاط ضوئية تشكل الصورة الأصلية.. ما أود قوله ؛ هو إمكانية حفظ أي حدث من خلال تغيير الوسط المادي المحيط به ، كما يمكن استعادته مجددا حين تتوفر ظروف استخراجه (بطريقة معاكسة). ورغم أنني غير متأكد من طبيعة الوسط (المسؤول عن حفظ الظاهرة الشبحية) ولكن المؤكد أننا نعيش في أوساط مادية كثيرة نغيرها بمجرد مرورنا فيها.. فالأصوات التي ننطق بها والأفعال التي نقدم عليها تترك في الوسط الفيزيائي والأثيري والحراري حولنا تسجيلا لا يمحى (قد يستعاد مجددا في ظروف معينة وخاصة).. ... وكل هذا - بالمناسبة - قد يفسر قدرة بعض المتبصرين على رؤية ما حدث في الماضي بشرط أخذهم إلى "موقع الحدث" أو "ساحة الجريمة"!!
0 تعليق على موضوع "ظاهرة سماع أصوات المقاتلين في موقع معركة قديمة"
الإبتساماتإخفاء